اخبار عربية وعالميةاسليدر

أبعاد منح الجنسية الفلسطينية للاجئين

احجز مساحتك الاعلانية

كتب : هند العربى

سعيد عريقات- يدور بحث جاد في اوساط المثقفين الفلسطينيين، وخاصة القانونيين منهم في الولايات المتحدة لمقترح جريء تقدم به بداية الشهر الجاري الباحث فاتح عزام، مدير “مركز الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة” في الجامعة الأميركية في بيروت.

ويقول عزام في مقترحه انه “بعد أن صارت فلسطين دولةً معترَفًا بها، فقد آن لها أن تخطو خطوتها الجريئة التالية وتمنحَ جنسيتها للاجئيها عديمي الجنسية، وتدخلَ في اتفاقيات ثنائية مع دول أخرى بشأن وضع المواطنين الفلسطينيين فيها”.

ويدافع عزام عن هذه الخطوة ُمقراً أنها تنطوي على تحرك سياسي خطر، ويحاجج رغم ذلك، بأن الأمر يستحق النظر والتأمل من جوانبه كافة، بما فيه مشاكله المحتملة، لأن الامر قد يكون بمثابة خطوةً “طال انتظارها” من أجل تعزيز الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين -لا سيما عديمي الجنسية منهم – وتحسين أوضاعهم في بلدان إقامتهم الحالية وأن ذلك “سوف يخلقُ أيضًا وقائعَ على الأرض قد تصبح لبِنات البناء من أجل التحرر الوطني”.

وتزامن مقترح عزام مع توارد تقارير حول مساع جديدة لاستصدار قرارٍ في مجلس الأمن الدولي يَمنحُ فلسطين عضوية كاملةً في الأمم المتحدة، ويضعَ خريطة طريقٍ أخرى لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على الرغم من “أن العضوية الكاملة في الأمم المتحدة مفيدة، لكنها ليست السبيل الوحيد المتاح لفلسطين لتحقيق هدفها بعيد الأجل المتمثل في التحرر الوطني والانعتاق من الاحتلال وإحقاق العدالة ونيل الحقوق والكرامة للفلسطينيين كافة” بحسب قوله.

ويعتمد عزام على فكرة أن فلسطين تتمتع الآن بدرجةٍ كافية من الاعتراف في المجتمع الدولي، ويمكنها أن تتقدم خطوات إضافية نحو ترسيخ وجودها بحكم الواقع وبحكم القانون، وأن تُكرس وقائعَ جديدةً على الأرض لإيجاد الحلول خارج فخ اتفاقات أوسلو، “وهو ما نراه بالفعل، حيث ذهب الرئيس محمود عباس، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، في هذا الاتجاه بُعيد تصويت الجمعية العامة عام 2012 على الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب غير عضو، وذلك من خلال الانضمام أولاً إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، ثم التوقيع على معاهدات دولية لحقوق الإنسان وغيرها، والتوقيع على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عقب فشل التصويت في مجلس الأمن في نهاية شهر كانون الأول 2014”.

ويحذر عزام “إن من الأهمية بمكان ألا نخلطَ بين دولةِ فلسطين والسلطةِ الفلسطينية، وهو خطأ سنَّته القيادة الفلسطينية نفسها التي تخلطُ بين الاثنتين. فمن الناحية القانونية، دولةُ فلسطين هي صنيعة منظمة التحرير الفلسطينية، التي تعترف الأمم المتحدة بها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، أمّا السلطة الفلسطينية فلا تعدو أكثر من كيانٍ تمخّض من اتفاقات أوسلو يمارسُ سلطاته بدرجات متفاوتة على أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة باستثناء القدس العربية”.

ويضيف “فلسطين هي دولةٌ بالفعل، بموجب المقاربتين الإعلانية والتأسيسية المتبعتين في الممارسة الدولية في الاعتراف بالدول، وان إعلان الاستقلال الذي أصدرته منظمة التحرير الفلسطينية بتاريخ 15 تشرين الثاني 1988 في الجزائر العاصمة، كما أودعته لدى الأمم المتحدة، قَبلَ ضمنًا، وبحكم الواقع، بخطوط الهدنة لِما قبل العام 1967 باعتبارها حدودًا، وهي تضم تحديدًا القدس العربية وهكذا فإن أراضي فلسطين بأكملها، كما أُعلنت في العام 1988، لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي” .

يشار إلى أن “دولة فلسطين” نالت الاعتراف عبر تصويتٍ رسمي كاسح في الجمعية العامة في عام 2012 (138 مؤيدًا، و41 ممتنعًا، و9 أصوات رافضة من أصل 193 دولة عضو)، وهذا يعزز وضعَها كدولة. وهناك حاليًا 135دولة تعترف بفلسطين، يقع معظمها خارجَ أميركا الشمالية والاتحاد الأوروبي (باستثناء السويد وأيسلندا)، ومع ذلك، صوتت 17 دولة أوروبية بالفعل لصالح قرار الجمعية العامة، وقد يعترف العديد منها رسميًا بفلسطين قريبًا، كما تُظهر عمليات التصويت المنعقدة في الآونة الأخيرة في البرلمان الأوروبي ، والبرلمان الفرنسي ، وبرلمان المملكة المتحدة ، وبرلمانات أخرى، وهذا يدل على أن الدعم العالمي للدولة الفلسطينية المستقلة ماضٍ نحو بلوغ الكتلة الحرجة التي قد تكون كافيةً للدفع قدمًا على صعيد جبهات أخرى.

واستنادا لذلك يعتبر عزام أنه “آن الأوان لأن تشرعَ دولةُ فلسطين بمنح جنسيتها، وفقًا لإعلان الاستقلال، وممارسة حقها السيادي في القيام بذلك كدولة، وان كانت لا تزال تحت وطأة الاحتلال، وإن كان مواطنوها عاجزين حتى الآن عن ممارسة حقِّهم في العودة إلى وطنهم، حيث أن المهمُ في ذلك، أنه سيكون أولَ عملٍ تُولي فيه دولةُ فلسطين الأولويةَ لجماهيرها شبه المنسية لحد الآن، اللاجئين عديمي الجنسية”.

ويفسر عزام أن الفلسطينيين يعيشون في كنف أنظمةٍ قانونية متنوعة تبعًا لمكان إقامتهم، ففي الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وغزة والقدس)، يعتبرهم الاحتلال الإسرائيلي “مقيمين دائمين”، ويُعطي نفسَه الحقَّ في سحب هذه الإقامة متى شاء – وهو يفعل ذلك بانتظام، كما يحملُ الفلسطينيون وثائقَ هوية تصدرها إسرائيل، وعلى أساسها، وبموجب اتفاقات أوسلو، تمنحهم السلطة الفلسطينية “جوازات سفر” وهي ببساطة وثائق سفر تُستَخدم بدلاً من جوازات المرور التي تصدرها إسرائيل؛ ولكن لا تستطيع السلطة الفلسطينية أن تصدر جوازات سفر لسكان القدس العرب “فبإمكان المقدسيين وسكان الضفة الغربية أن يسافروا بجوازات سفر أردنية لا تحمل رقمًا وطنيًا أردنيًا؛ وتُعامَل هذه الجوازات معاملةَ وثائق السفر”.

ولكن “أيًا من هذه الوثائق لا يمثل أي جنسية، فلا يزال الفلسطينيون الرازحون تحت الاحتلال الإسرائيلي بلا جنسية بموجب القانون الدولي، وهذا طبعًا لا ينطبق على ما يزيد على 1.5 مليون فلسطيني من مواطني دولة إسرائيل الذين لا يُعتبرون من الناحية القانونية عديمي الجنسية أو لاجئين. وما يثير الاهتمام هو أن السلطة الفلسطينية أصدرت /جوازات سفرها/ لبعض الفلسطينيين في الشتات، وهم يستخدمونها في سفرهم الدولي باستثناء السفر إلى فلسطين المحتلة، حيث لا يُعترَف بهم”.

ويعتبر عزام أن الخطوةُ الأولى تكمن في إنشاء سجلٍ شامل بجميع الأفراد وأُسرهم الذين قد يطالبون بالجنسية الفلسطينية، كما يقترح سام بحور. وقد يُستقى هذا السجل من سجلات الأونروا والسجلات الحكومية في جميع أنحاء المنطقة والعالم، ليحتوي على بيانات من قبيل ما إذا كان هؤلاء من عديمي الجنسية أو مسجَّلين كلاجئين أو مواطنين في أي بلد، وهو مشروع ضخم ولكنه ضروري، لأن قائمةً موحدةً وشاملةً من هذا القبيل غير موحودة حتى الآن، ولأن من شأنها أن تساعدَ في تصنيف طلبات الفلسطينيين عديمي الجنسية بحسب الأولوية في عملية منح الجنسية.

ويعارض البعض الفكرة القائلة بأن منح الجنسية الفلسطينية للاجئين الفلسطينيين في المنفى يمكن أن يعززَ الموقفَ الدولي لدولة فلسطين وأن يعودَ بالنفع على اللاجئين، لان هناك أسبابًا وجيهة عديدةً لكي تمتنعَ منظمةُ التحرير الفلسطينية/دولةُ فلسطين عن إثبات مكانتها كدولة بهذه الطريقة وأن السبب الأول هو أن الجنسية الفلسطينية لن تعود سوى بالنفع القليل على اللاجئين الفلسطينيين المضطهدين في بلدانهم المضيفة، وذلك لأن دولة فلسطين لا تستطيع أن توفر لهم الحماية على أراضيها.

وتتراوح الأفكار من الدعوة لعقد مؤتمر قانوني عام في نيويورك يتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة أو عقد جلسات متزامنة في عدة جامعات في الولايات المتحدة وأوروبا وبيروت وعمان وفلسطين المحتلة.

فلسطين

Related Articles

Back to top button